ما بين البحث عن تجمع إقليمى وحلول لمشكلات الصومال والسودان وموريتانيا وغينيا وأزمة اقتصادية طاحنة، تنعقد القمة الأفريقية وسط آمال وطموحات عديدة.
فالقادة الأفارقة خصصوا اليوم الأول من القمة السنوية لبحث مشروع طرحه الزعيم الليبى معمر القذافى منذ فترة طويلة، وهو إنشاء الولايات المتحدة الأفريقية. وقال مبعوثون إنه على الرغم من معارضة بعض الدول لتلك الفكرة وانتهاء قمة خصصت لمناقشتها عام 2007 بغانا دون اتفاق بسبب المعارضة، فقد شعرت الوفود بأن عليها التزاما بمناقشة الخطة بسبب التمويل الضخم الذى ضخه القذافى فى أنحاء أفريقيا.
صلاح إبراهيم، الباحث فى الشئون الأفريقية، أشار إلى أن الرئيس القذافى، وهو أحد أطول حكام القارة بقاء فى السلطة، يضغط منذ سنوات من أجل حكومة اتحادية لعموم أفريقيا من أجل مواجهة تحديات العولمة ومكافحة الفقر وحل الصراعات دون تدخل غربى. وأشار إبراهيم إلى أن بعض القادة وبينهم الرئيس السنغالى عبد الله واد متحمسون للفكرة، ولكن الأزمة تكمن فى: "متى وكيف؟.. بمعنى تحويل هذا الاقتراح إلى واقع".
ويضيف إبراهيم أن أحداث مدغشقر مازالت تؤرق وتخيم على أجواء القمة الأفريقية، فهى أحدث مشكلات القارة، خاصة بعد أن أعلن زعيم المعارضة أنه تولى السبت الماضى السلطة هناك بينما نفى رئيس الجزيرة الواقعة فى المحيط الهندى ذلك، وهو ما دعا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى ليعلن فى وقت متأخر أن قواعد المفوضية بشأن الانقلابات واضحة، وأن أى محاولة للاستيلاء على السلطة بطريقة غير مشروعة ستقابل بالرفض.
الهدف الرسمى التى تعقد من أجله القمة فى مقر الاتحاد الأفريقى بأديس أبابا كما يوضح هانئ رسلان، رئيس برنامج دراسات السودان فى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، هو تعزيز البنية التحتية اللازمة لأفريقيا إذا أرادت أن تنجو من الأزمة المالية العالمية. لكن من المتوقع كما يوضح رسلان أن يتم إلقاء الضوء على الصراع والأزمة فى السودان والصومال وزيمبابوى وجمهورية الكونغو الديمقراطية بظلالها كالعادة على جدول الأعمال الرسمى لقمة الاتحاد الأفريقى. بالإضافة إلى أن بعض الدول خلال القمة تنفست الصعداء بعض الشىء جراء التطورات الإيجابية التى طرأت فى الأيام الأخيرة على اثنتين من أعقد مشكلات القارة، وهما عشرون عاما من الحرب الأهلية فى الصومال والانهيار الاقتصادى فى زيمبابوى.
من جهة أخرى، أكد الاتحاد الأفريقى خلال قمته تضامنه مع الرئيس السودانى عمر البشير فى ملف المحكمة الجنائية الدولية، وأعلن رفضه إصدار مذكرة توقيف بحق البشير. وصادق المجلس التنفيذى فى الاتحاد الأفريقى على قرار بشأن طلب مدعى المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة توقيف بحق البشير.
كما أعرب الاتحاد فى وثيقة رفعت إلى الرؤساء عن "قلقه العميق" من طلب مدعى المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو فى يوليو اتهام البشير بارتكاب إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى دارفور غرب السودان، حيث تدور حرب أهلية. وجدد "التزامه الثابت بمكافحة الإفلات من العقاب"، وذلك نظراً للطابع الحساس الذى تتميز به عملية السلام الجارية حاليا فى السودان، فقد تؤدى المصادقة على هذا الطلب إلى عرقلة المساعى الجارية بشكل خطير.
ولفت عابى فارح، الباحث الصومالى، إلى أن شيخ شريف أحمد، الذى تولى الحكم فى الصومال قبل أيام قليلة، حضر القمة فى نفس البلد الذى أطاح جيشها القوى به كزعيم لاتحاد المحاكم الإسلامية، ويضيف فارح أن مسئولى الاتحاد الأفريقى استبعدوا موريتانيا وغينيا بعد أن شهدا انقلابا عسكريا فى الشهور الأخيرة من القمة، وأثبتا أن القارة انفصلت عن ماضيها المعهود عندما كان قادتها قلما يتعرضون للانتقاد أو حتى يواجهون تعليقات بشأن العنف والحكم الاستبدادى خلال حكمهم.