لايكاد يمر يوم دون أن تحبط سلطات الأمن المصرية أكثر من محاولة تسلل علي طول الشريط الحدودي يقوم بها أفراد أو مجموعات تنوعت جنسياتهم بحسب الفترات التي تمت خلالها عمليات الضبط.
فقديما كان معظم محاولي التسلل من الروسيات وبعض الصينيين والأتراك تحولت بعدها جنسية معظم المتسللين لتصبح من دول إفريقية مختلفة, الغالبية العظمي منهم من أبناء دارفور السودانية بخلاف العديد من الإثيوبيين ورعايا دولة أريتريا.
الحدود المصرية مع إسرائيل مثلها مثل الحدود الأمريكية مع المكسيك كلاهما تقسمان صحراء شاسعة فيما يبقي أمل اجتيازها من جانب إلي آخر يراود الحالمين بتغيير شكل وطبيعة حياتهم خاصة مع تردي الأوضاع المعيشية في العديد من الدول الإفريقية حيث يظن بعضهم أن الوسيلة الوحيدة هي الهروب إلي إسرائيل والعمل بها.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: لماذا تقوم إسرائيل باستقبال المتسللين الأفارقة وتؤمن لهم عملا وتمنحهم بطاقات تعرف, في حين تقوم وباستمرار بمطالبة مصر بمداهمة عصابات التهريب, منع التسلل؟؟
وعن رحلة التسلل ـ كما يرويها لنا أحد المهربين الذي رفض ذكر اسمه مكتفيا بقبول الرمز إلي اسمه( صحراوي) قائلا: قد تبدأ عملية تهريب المتسللين الإفريقيين من داخل بلاد المتسللين, حيث تتكفل بعض العصابات بتوصيلهم بالطرق الشرعية إلي المدن الساحلية بجنوب سيناء مثل شرم أو نويبع لتتم المرحلة الأخيرة للتسلل وبمقابل مادي يتراوح ما بين ألف وثلاثة آلاف دولار حسب البلد القادم منه المتسلل وطبيعة عملية التسلل التي قد تنتهي بعملية ترك المتسللين أمام السلك الشائك علي الحدود أو ضمان حضورهم إلي الجانب الآخر, حيث يقوم بإدخالهم باقي أفراد تشكيل المهربين إلي داخل المدن الإسرائيلية.
ويشرح' صحراوي' المراحل التي تمر بها عمليات التسلل التي كانت قديما في الغالب من الفتيات الروسيات التي تعمل في الحانات الليلية الإسرائيلية كاشفا عن الدور الذي لعبته بعض الروسيات في تسهيل عمليات الاتصال بين المهربين والراغبين في التسلل, فقد عملت لديه إحدي الفتيات الروسيات لمدة عام كامل براتب تجاوز2000 دولار شهريا مقابل تجميع أكبر عدد من أبناء جنسيتها ومساعدتهم علي التسلل ولا يخفي قيامه بالاستيلاء علي صفقات أبرمها مهربين آخرون لجنسيات تنوعت بين أفارقة وصينيين.
ويضيف أن المسألة أصبحت أكثر صعوبة من ذي قبل كما تراجع عائدها المادي في ظل انحسار الأعداد الراغبة في التسلل واقتصاره حاليا علي جنسيات الدول الإفريقية الفقيرة فالروسيات والصينيون هم الأعلي سعرا ونتكفل بتوصيلهم عبر شركائنا علي الجانب الآخر إلي تل أبيب أو إلي مدينة إسرائيلية أخري فيما يتراجع العائد المادي بشكل كبير مع الأفارقة لأن عملية تهريبهم تنتهي عند الحدود فقط بعد أن يتم( تخزينهم) في أربع أو خمس مناطق علي طول الطرق الاتفاقية وبعيدا عن الأكمنة الأمنية وأحيانا كثيرة لا يتم دفع المقابل المتفق عليه. وأشار إلي أنه ترك العمل في هذا المجال علي الرغم من الأرباح الطائلة التي كان يجنيها من وراء هذا النشاط حيث تراوحت المبالغ اليومية ما بين20 و50 ألف جنيه. وحول الأسباب التي دفعته إلي الاعتزال يقول' صحراوي':ازدادت الأمور صعوبة مع الانتشار الأمني الواسع والمداهمات المفاجأة للطرق التي كنا نسلكها من قبل الأجهزة الأمنية وأصبحت العملية في غاية الصعوبة فقد تفقد حياتك بالكامل أثناء إحدي هذه المحاولات.
وأشار إلي أن السودانيين من دار فور يسلمون أنفسهم للقوات الإسرائيلية طمعا في الحصول علي اللجوء السياسي أو طمعا في اعتبارهم لاجئين, والغريب أن هذا هو ما يحدث معهم فقط فيما يتم ترحيل الجنسيات الأخري التي يتم ضبطها هناك.
من جانبه, أشار اللواء سعيد, الخبير الأمني بسيناء, إلي أن إحكام السيطرة علي الحدود أمر غاية في الصعوبة ولكن تزايد أعداد المضبوطين من المتسللين يؤكد نجاح الإجراءات التي تتخذها في مكافحة هذه الظاهرة وذلك النشاط غير المشروع, موضحا أن اللجوء للقوة في سبيل وقف المتسللين يأتي بعد عدة تحذيرات وإطلاق أعيرة نارية في الهواء إلا أن البعض منهم يتجاهل هذه التحذيرات ويستمر في محاولة إتمام عملية التسلل, كما أن بعض عصابات التهريب تبادرنا بإطلاق الرصاص مما يستوجب الرد الفوري.
وحول الإجراءات التي تتخذ مع المضبوطين أفاد المصدر نفسه, بأنه يتم إخطار سفارات دولهم بعمليات الضبط فيما يتم التحفظ عليهم لحين ترحيلهم إلي بلادهم الأصلية.
وفي السياق نفسه أكد الشيخ مرعي عرارة, المتحدث باسم سلفيي الحق بمنطقة رفح والشيخ زويد, أن هذه الأمور بدأت بالفعل تتلاشي وأصبح هناك عدد محدود فقط هم من يقومون بذلك والأمر يرجع إلي قيام العديد من المؤتمرات التي أفهمت أبناء القبائل الخطر الذي يتأتي من مثل هذه الأفعال فهم لم يكونوا يعلمون جيدا وبعدما أوضحنا لهم خطورة المواقف تراجعت أعداد كبيرة عن هذه الأفعال ولعل تراجعهم بهذه السرعة يرجع إلي أصالة أبناء القبائل وعاداتهم وتقاليدهم وتمسكهم بدينهم فالأصل هو الجهل الذي أحاط بهم من عدم وعي وتعليم خلال سنوات طويلة ولم يدركوا الخطر فالصحراء هي كل ما يحيط بهم لا ماء ولا زرع ولا مصدر للرزق ولا تعليم فعندما سنحت لهم الفرصة بالتهريب عملوا به وعندما علموا أنها حرام شرعا وأنه يؤثر علي أمن مصر وسلامتها بدأوا يتراجعون وقال بعضهم إننا لم نكن نعلم هذا وبعد أن علمنا فإننا نفضل أن نموت من الجوع من أجل سلامة الوطن.
ويقول الشيخ عرارة إن أي إنسان يستطيع أن يلاحظ مدي التراجع في عصابات التهريب فهناك الكثير من الأفارقة الذين يأتون إلي منطقة سيناء باحثين عن أي شخص يهربهم إلي إسرائيل من عصابات التهريب فيجد معاناة شديدة بدليل ما نرصده يوميا من أفارقة ضلوا الطريق وآخرين ذهبوا إلي مناطق خطأ.
وأضاف أنه إذا كان دورنا هو إقصاء المهربين بالمنطقة عن هذه الأفعال فإن الأمن عليه دور كبير في مراقبة المناطق التي يأتي منها المتسللون وعدم تمكينهم من الحضور إلي سيناء.