استدعي " الأغا " المملوكي شيخ الكتّاب. ووعده بجائزة 20 ألف درهم. إذا استطاع أن يعلم حماره القراءة والكتابة. في مدة حدها الأقصي 20 عاما.. أما إذا أخفق فسيكون مصيره الشنق !!
انتابت شيخ الكتّاب حالة اكتئاب شديدة. فما يطلبه ¢ الأغا¢ مستحيل. والمكافأة في نفس الوقت سخية. ومن الجنون أن يضيّعها.. في تلك الليلة عاد إلي بيته مهموما و¢ بوزه شبر ¢. سألته زوجته : لماذا أنت عابس يارجل. ووجهك ¢ يقطع الخميرة من البيت¢. فسرد لها القصة.. قالت : وهل ستقبض الأجر مقدما ؟.. قال نعم. قالت : اسرع إذن إلي ¢ الأغا ¢. واعقد معه الصفقة. ولا تعد إلا والدنانير ¢ تشخلل ¢ في جيوبك.
نظر لها شزرا وقال : لم أر امرأة خبيثة وجاهلة مثلك. هل سمعت عن حمار تعلم القراءة والكتابة ؟!
ردت : بل أستطيع أن أعلم ثلاثة حمير دفعة واحدة.. ثم صرخت : يارجل.. خلال 20 سنه سيكون واحد من الحمير الثلاثة سيكون تحت التراب.. إما سيموت الأغا. أو يموت حماره. أو...
فقاطعها : ومن هو الحمار الثالث يافالحة ؟!
قالت : أنت
هذا الحمار الثالث ذكرني بحمار من نوع آخر. كنت قد التقيته في قاعة للفنون التشكيلية.. يومها وقفت طويلا أمام لوحة تشكيلية في ¢ الأتيليه ¢. تمثل عربة ¢ زبالة ¢ متهالكة. يجرها 3 حمير. كل واحد منهما. يحاول أن ينعطف بها إلي طريق مختلف.. بصراحة لم يسعفني ذكائي لفهم مغزي اللوحة. فلجأت إلي الفنان الذي رسمها. ليكشف لي هذا الغموض.. فقال وهو يطّوح رأسه للخلف في غرور واستعلاء. ويحكم وضع ¢ البايب ¢ في فمه : الكارو تمثل مصر.. والحمير رمز للرؤساء الثلاثة. الذين جلسوا علي عرشها يقصد ناصر والسادات ومبارك !!
قلت له: لوحتك صادمة.. وظالمة.. وقاتمة. وأعتقد أن فيها حاجة ناقصة.
سألني باستغراب وامتعاض : إيه ؟!
.. أجبت عليه في سري. وفي داخل قرارة نفسي : ناقصة حمار رابع. هو حضرتك.. ثم قلت بصوت مسموع : من غير المنطقي أن تظل جالسا في مقاعد المعارضة 60 عاما. لم تر فيها ¢ أم الدنيا ¢ إلا كعربة زبالة. ورؤساءها حمير.
أليس غريبا ألا يعجبك ناصر الاشتراكي الثوري. الذي استوحي التجربة الشرقية.. ولا السادات الديمقراطي الانفتاحي. الذي مزج بين التجربتين الشرقية والغربية.. ولا مبارك ¢ البزرميطي ¢. الذي استوحي كل تجربة فاشلة في العالم. وأخذ من كل فيلم هابط أغنية ؟!!
.. وهذا هو حال القوي المتنافرة.. المتعاركة.. الآن!!
الصفحة السابقة
الصفحة الرئيسية