مصر تخاصم مصر.. والكل يتبع هواه ولهواه يتعارك ويتخاصم.. والأغلب مشغول بمصالحه وفق هواه.. هذا هو حال مصر.. وإذا تأملت المشهد بكل أبعاده وأركانه.. نجد ان الحب قد فارق أهلها وخاصم المصريون مصر وخاصمت مصر المصريين.
لقد تفرقنا شيعا وأحزابا.. صراع علي الوجود وأحيانا علي السلطة وابدينا لغيرنا أسوأ ما فينا. إذ ظهرت منا ومن حولنا شخوص كريهة لا نعرفها ولا تعرفنا تمارس سلوكيات فجة ومنها ما هو أشد قبحا.. إذ ان الهوي والصراع علي الهوي انسانا كل شيء ولم يعد في خلفيتنا ان مصر أكبر من هوانا وأكبر من كل حزب وأكبر من كل الرجال وانها كانت كما تعلمنا انها حبنا وهوانا وكانت كوطن بعد الدين.
"يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوي فيضلك عن سبيل الله" ص .26
مصر تملؤها الريبة والشك بين جميع من يسمون أنفسهم قوي سياسية.. لا رؤي واضحة لهم. بل الشك والريبة هي السمة الغالبة علي الجميع بلا استثناء وهذا بدوره امتد إلي كل قطاعات المجتمع.. والكل يرجع ذلك إلي مناخ التكتم وعدم الشفافية وهو منهج تورثته مصر من نظام إلي نظام ولهذا يظل الشك والريبة ملامح أساسية للفترة التي تعيشها مصر.
وحتي نتغلب علي الهوي ومعارك الهوي.. الراشدون يتساءلون: لماذا لا نصارح الناس بالحقائق في كل المجالات في الاقتصاد والتعليم ونعلن الحقيقة بالأرقام المسجلة ونجعل الناس شركاء في اتخاذ القرار بدلا من الانفراد بصناعته.. فالشراكة تقتضي المصارحة وعدم التعالي أو التخابث علي الآخرين.
مصر تمر بنفق مظلم لن يكون السهل الخروج منه.. وهذا من المهلكات كما نص الحديث الشريف إذ قال الرسول صلي الله عليه وسلم هناك ثلاث كفارات وثلاث درجات وثلاث منجيات وثلاث مهلكات فأما المهلكات هي شح قطاع وهي متبع وإعجاب المرء بنفسه.
وإذا تأملنا حالة من حولنا بعدوا عنا أو اقتربوا منا نجد ان السمة الغالبة عليهم ان الهوي يركبهم وليس هذا فحسب بل الكثير يعجبون بأنفسهم ولا رأي إلا رأيهم ويهمشون كل ما حولهم ويستخفون بكل ما هو جدير بالاحترام والتقدير.. وتسيرهم مصالحهم الخاصة والضيقة جدا ويتعاركون ويتخاصمون لها.. أما مصلحة الوطن في الدرك الأسفل من اهتمامهم مع انهم يزعمون ويدعون انهم يعملون للوطن وعلي استعداد أن يفدوه بأرواحهم وعند الملمة أو الكبيرة تجدهم ينصرفون وينسلخون ويتنصلون من كل شعاراتهم المصلحية.
مصر الآن تعيش حالة الرفض لكل شيء مادام هذا الشيء يأتي ممن تعارضه أو تكرهه أو ليس فيه مصلحة لك ولم يعد لدي الجميع سوي كلمة "لا" دون أن نعرف مضمون هذا الاقتراح وعليه نحدد الرفض له ولماذا؟
مصر منهكة اقتصاديا مستنزفة سياسيا. مهلهلة أمنيا.. فالعجز النقدي المتوقع للموازنة يصل إلي 200 مليار جنيه خلال الموازنة الحالية والتي تنتهي في يونيو القادم وكشف ارتفاع العجز في ال 3 شهور الماضية فقط إلي 50 مليار جنيه بدلا من 33 مليارات بزيادة 17 مليار جنيه وهذه زيادة غير متوقعة تصل إلي 35% عجزا اضافيا عن العجز المرصود في الموازنة الحالية.
وسياسيا فالناس في حالة ترقب وعدم ثقة والكل يسأل مصر رايحة لفين؟
الصفحة السابقة
الصفحة الرئيسية