أعربت موسكو الرسمية عن ارتياحها لفوز مرشح الحزب الديموقراطي باراك اوباما في الانتخابات الرئاسية الامريكية بوصفه الأكثر مرونة وبراجماتية, والأقل رغبة في طرح الشعارات الايديولوجية مع روسيا.
الرئيس بوتين كان في صدارة المهنئين فيما تبعه رئيس حكومته ميدفيديف بموقف مماثل قرنه بالتشفي في غريمه الخاسر ميت رومني متذكرا ما قاله حول انه يعتبر روسيا العدو الجيوسياسي رقم1 للولايات المتحدة.
كشفت التغطية الاعلامية لنتائج الانتخابات الرئاسية الامريكية في موسكو عن فرحة مكتومة تقول مفرداتها بآمال كبار تعقدهاعلي مواصلة المسيرة مع الرئيس اوباما بحثا عن المزيد من الوفاق والاتفاق حول اهم قضايا العصر, وإن سبق وتحسبت ايضا للاسوأ حين قالت علي لسان الرئيس بوتين انها علي استعداد للعمل مع رومني في حال فوزه بثقة الشعب الأمريكي. وكانت موسكو كشفت ايضا عن تسريبات لعدد من ممثلي التيار المحافظ ممن توقفوا عند افضلية التعامل تقليديا مع الجمهوريين, ومنهم فيتالي تريتياكوف احد ابرز خبراء السياسة الدولية في موسكو الذي قال صراحة انه يثق أكثر بأولئك الأمريكيين الذين يعلنون علي الملأ ودون مواربة أنهم لا يحبون روسيا. لكن التيار الاغلب والأعم في روسيا كان وبطبيعة الحال مع فوز أوباما.
ويذكر هؤلاء ما قاله أوباما في حديثه مع الرئيس السابق ميدفيديف الذي تسربت بعض مقاطعه عبر الميكروفونات المفتوحة خلال لقائهما في منتجع كامب ديفيد في الربيع الماضي بعد فوز بوتين في الانتخابات الرئاسية الروسية: قل لفلاديمير انني ساكون اكثر مرونة في حال فوزي في الانتخابات المقبلة. وكان أوباما سبق وتوصل مع ميدفيديف الي ما اطلقا عليه اسم إعادة إطلاق العلاقات الروسية الامريكية التي هاجمها رومني في معرض انتقاداته لمنافسه الديموقراطي.
وبهذا الصدد كشف فيدور لوكيانوف رئيس تحرير مجلة روسيا في السياسة العالمية عن افضلية التعامل مع اوباما الذي سبق واعترف بـ ضرورة وأهمية دور روسيا في الكثير من القضايا ومنها الاوضاع في افغانستان والملف النووي الايراني ونزع السلاح, الي جانب ادراكه سهولة التوصل الي التفاهمات والتوافقات مع روسيا رغما عن كل التناقضات والخلافات. وقال لوكيانوف ان موسكو تضع ذلك في حسبانها عند اختيارها أوباما رغم وجود الكثير من المراقبين الذين يقولون ان ولايته الثانية ستكون اكثر تعقيدا لروسيا ولا سيما في فضاء القارة الاسيوية. وكان بوتين بادر بارسال برقية تهنئة الي أوباما أعرب فيها عن امله في استكمال النهج الايجابي في العلاقات الثنائية بين روسيا والولايات المتحدة وفي تعاون البلدين علي الساحة الدولية لصالح الامن والاستقرار الدوليين. اما ميدفيديف رئيس الحكومة الروسية فقد رحب بفوز اوباما الذي وصفه بأنه شريك يمكن فهمه والتنبؤ بخطواته. اما سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسية فقد كشف عن استعداد روسيا لمواصلة التعاون مع ادارة أوباما وقال: اننا سنواصل بطبيعة الحال العمل مع هذه الإدارة. نحن مستعدون للمضي الي ما هو أبعد علي أساس التكافؤ والمصلحة والاحترام المتبادلين مادامت الإدارة الأمريكية مستعدة لذلك. وقال لافروف بتطابق الكثير من المصالح بين البلدين, وإن اشار الي وجود اختلافات تجاه بعض القضايا, والي ان العلاقات بين موسكو وواشنطن لاتقتصر علي عد الرؤوس القتالية التي يمتلكها الطرف الآخر, مؤكدا رضا موسكو عن كيفية تطبيق المعاهدة الجديدة للحد من الأسلحة الإستراتيجية الهجومية ستارت ـ3 علي أرض الواقع. ومن جانبه قال ألكسي بوشكوف رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس الدوما إن فوز باراك أوباما في الانتخابات الأمريكية أدخل الفرحة علي شركاء واشنطن الأجانب. ومن جانبه قال ليونيد سلوتسكي رئيس لجنة الاتصالات مع الروس المقيمين بالخارج بمجلس الدوما إن غالبية الروس المقيمين في الولايات المتحدة أيدوا أوباما, معتبرين أنه يكفل تحسين العلاقات الأمريكية الروسية. ومع كل ذلك فثمة من يقول اليوم في موسكو ان تكرار عملية إعادة اطلاق العلاقات لم يعد مناسبا في وقت يطالب فيه آخرون بضرورة طرح رؤي جديدة تشمل ضمنا وجوب إدراك بدهية تقول ان الفضاء التالي الصالح لبناء علاقات شراكة أمريكية ـ روسية هو فضاء القارة الآسيوية والمناطق المتاخمة لها في الشرق الاوسط بعيدا عن المواجهة وتداعيات ثورات الربيع العربي.