للحكومة في أي دولة في العالم الدور الأساسي في تحسين أحوال المواطنين, والحفاظ علي أمنهم, واستقرار البلاد, إلا أن حكومة الدكتور هشام قنديل ـ التي كنا نتوقع أن تكون حكومة النهوض ـ لم يشعر بها المواطن; لعدم شعوره بأي تحسن في أحواله علي كل المستويات.
ولا يزال المواطن البسيط بعيدا عن اهتمامات معظم وزراء حكومة قنديل; لأنه لم يشعر بتحسن حقيقي طرأ علي حياته, بالرغم من أن بمصر موارد وإمكانات تفتقر إليها كثير من الدول, إذا ما استغلت جيدا; فسيكون المواطن المصري هو الأعلي دخلا والأفضل معيشة.
لقد مرت مائة يوم علي تكليف الحكومة الجديدة, لكن أداءها لا يرقي إلي مستوي الطموحات أو الآمال التي علقت عليها; إذ قطعت تلك الحكومة علي نفسها تعهدا بإعادة النظر في توزيع الثروة, وتوفير فرص العمل, والقضاء علي طوابير الخبز, وحل مشكلة المرور, وجعل مصر جاذبة للاستثمار, وتوفير العلاج المناسب لكل مواطن, والارتقاء بمستوي التعليم, والحفاظ علي البيئة, وخفض معدلات البطالة والفقر, وتنشيط السياحة, وتحسين وسائل المواصلات.. كل هذا لم يتم تحقيق شيء منه; إلا جزءا يسيرا.
وإذا ما نظرنا إلي كل وزير في موقعه, فحدث ولا حرج.. فوزير الاستثمار لم يقدم شيئا يذكر.. لم يرسم لنا الخريطة الاستثمارية التي تعمل علي توجيه رسالة حقيقية للمستثمرين لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية, بل لم يسع إلي حل مشكلات المستثمرين, سواء علي المستوي المحلي أو الدولي.
وقد تعشمنا خيرا في وزير الداخلية بحكم أنه من الأمن العام ويعرف خباياه, إلا أن ما تحقق ليس هو المأمول, فمازال معدل الأداء الأمني منخفضا, بدليل انتشار الأسلحة بكثرة, وانتشار البؤر الإجرامية..
ومن هنا نسأل وزير الداخلية: من أين تأتي المخدرات التي تباع علي الملأ في كل مكان, وانتشرت بكثرة في أيدي الشباب ؟.. إن الأمن لم يقم بدوره المنوط به في تنفيذ الأحكام, أو منع حوادث القتل والاعتداءات المتكررة.
وإذا تناولنا مشكلة المرور, فإنها مازالت تؤرق المجتمع بأسره; لتشابكها.. وإن كانت تحتاج إلي تضافر كل الجهود من الحكومة والمواطن.
وحتي وقتنا هذا, لم نشعر بجهد ملموس من جانب وزير السياحة, فلم يعمل علي تنشيط السياحة الداخلية أو الخارجية, رغم أننا علي أعتاب الموسم السياحي الشتوي والذي يعد من أعلي المواسم دخلا, سواء من حيث الليالي السياحية, أو الإنفاق, أو غير ذلك.. فالرجل اكتفي بأنه أصبح وزيرا.. وزيرا للاداء, وليس للنهوض بالسياحة.
وفيما يتعلق بوزير التخطيط, فقد غابت عنه جميع الأرقام.. فعندما التقينا الدكتور هشام قنديل في لقائه برؤساء تحرير الصحف, فاجأنا وزير التخطيط بعرض أرقام لا تمت للواقع بصلة.. وأحب أن أذكره بأن معدلات البطالة في مصر بلغت أكثر من30% وارتفعت معدلات الفقر إلي نحو63%.. كذلك لم يقدم السيد الوزير أرقاما مقنعة حول ميزان المدفوعات, أو انخفاض معدلات الاستثمار, أو حتي الصعوبات التي تواجه الاقتصاد المصري, أو الإجراءات الخاصة بترشيد الإنفاق.
وإذا انتقلنا لوزير الكهرباء, فإن الأمر أصعب; إذ ارتفعت فواتير الكهرباء المنزلية والتجارية علي السواء.. ولم يتحرك بفاعلية تجاه مشروع الضبعة المعطل منذ فترة طويلة.
كنا نتمني أن يخرج علينا وزير الكهرباء ببرنامج زمني لتنفيذ مشروع الضبعة الذي تنتظره مصر, وخطه واضحة لمنع تكرار انقطاع الكهرباء, خاصة في صعيد مصر; حيث يشكو معظم قراه من انقطاع التيار الكهربائي, فتجد القرية الواحدة نصفها مضاء, والآخر في ظلام دامس!!.
وفي وزارة الري تجد العجب, فليست هناك أزمة ري, ولكن ملف مياه النيل مازال مفتوحا ويواجه نفس الصعوبات السابقة, حتي إن وزير الري لم يفصح عن مباحثاته حول سد النهضة في إثيوبيا, أو غيره من مشكلات مزمنة تواجه الري في مصر.
ولدي وزير الصحة ملفات عديدة, حدث عنها ولا حرج; منها تحرير سعر الدواء الذي سبب أزمة حقيقية للمرضي; إذ ارتفع سعر الدواء في ظل انخفاض دخل الفرد.. وحتي الآن لم يتم التطرق إلي ملف التأمين الصحي, أو تحسين الخدمات الصحية, أو تجهيز المستشفيات الحكومية بأجهزة حديثة, أو كادر الأطباء, أو غيرها من ملفات.. لم نجد من وزير الصحة حلولا فعلية للمشكلات التي يعاني منها المريض!!.
أما وزير التموين فلم يستطع للآن حل مشكلة الرغيف, ومواجهة تهريب الدقيق, ومواجهة مشكلة أنبوبة البوتاجاز التي بلغ سعرها80 جنيها في بعض المحافظات.. كذلك غاب دور وزارة التموين عن مراقبة الأسواق.. لم يقدم لنا الوزير حلولا عملية لتوصيل الدعم لمستحقيه الذي يصل إلي نحو25 مليار جنيه للمواد الغذائية والسلع التموينية.
وما زالت أزمة الوقود تؤرق الشعب بأكمله.. فمعظم محطات البنزين يخلو من البنزين80 و90 والسولار, وبعضها يبيع بنزين90 علي أنه92.. فأين دور وزير البترول, خاصة أن دعم البترول يكلف الدولة116 مليار جنيه ؟!!.. فهل يحصل عليها الفقير, أم الأثرياء, وأصحاب محطات البنزين ؟!.
ياسيادة الوزير لم نسمع من قبل عن بيع البنزين والسولار في السوق السوداء!!.. أين العقاب الرادع الذي توقعه وزارتك علي محطات البنزين المخالفة ؟.. إننا علي أعتاب فصل الشتاء, ومازالت طوابير السيارات أمام محطات البنزين.. لماذا لا تصارح الشعب بالحقيقة الكاملة ؟ ولماذا تعلق الأزمة علي تهريب البنزين والسولار ؟
ولا يختلف وزير النقل كثيرا عن زملائه; فمازال الطريق الصحراوي كما هو بغير تطوير.. وإذا ما نظرنا إلي طرق الصعيد فهي أشد سوءا.. أما الكباري فتعاني من الإهمال كما كانت في الماضي; فعلي سبيل المثال نجد كوبري6 أكتوبر الذي يعد الشريان الرئيسي للعاصمة تهدده الفواصل والحفر والمطبات التي انتشرت بطوله.
وليس الطريق الدائري أفضل حالا من كوبري6 أكتوبر, وكذلك كوبري روض الفرج.. وإذا نظرنا إلي ثاني سكة حديد علي مستوي العالم, فسنري كم دمرتها يد الإهمال, ورغم آمالها التي انعقدت علي هذا الوزير, إلا أنه لم يختلف كثيرا عن سابقيه.. كذلك لم يسلم مترو الأنفاق من الإهمال; حيث انتشر بداخله وخارجه الباعة الجائلون والمتسولون دون رقيب.
وفي وزارة القوي العاملة, كثير من المشكلات بين الوزارة والنقابات العمالية الرسمية وغير الرسمية; إذ عجزت عن حل أي مشكلة مع اتحاد العمال, أو وضع حد أدني وأقصي للأجور, حتي لم يقم الوزير بأي دور لتشغيل العمالة, أو عقد اتفاقيات مع الدول المستقبلة للعمالة.
ومنذ تشكيل الحكومة, لم يتخذ وزير الزراعة قرارا واضحا لمصلحة المزارعين أو حل مشكلة السماد, حتي إن الشعب المصري غير راض عن أداء الوزير, رغم خروجه بمبادرة للتبرع من أجل الاكتفاء الذاتي وسد الفجوة الغذائية في القمح والذرة وغيرهما, إلا أن الشارع المصري لم يتجاوب مع تلك المبادرة. ولم يضع وزير الزراعة استراتيجية واضحة حول النهوض بالزراعة المصرية, وحل مشكلاتها, والتغلب علي بيع الأسمدة في السوق السوداء.
كذلك, لم يضع لنا وزير الصناعة خطة لتشغيل المصانع المتوقفة في المدن الجديدة, وتشغيل المصانع العاملة بكامل طاقتها.
وفيما يخص وزير الخارجية, فإن أداءه ضعيف للغاية. وبالرغم من الجهود الهائلة التي يقوم بها الرئيس مرسي علي الصعيد الخارجي لاستعادة دور مصر الإقليمي والدولي, فإن أداء الوزارة مازال متواضعا.
ولو أن تلك الحكومة بجميع أعضائها بذلت نصف مجهود الرئيس مرسي, لتحقق كثير من الإنجازات التي وعد بها الرئيس, ولكان ذلك انعكس علي المواطن الذي يئن يوميا من المشكلات المتراكمة.
ننصح حكومة قنديل ببذل مزيد من الجهد, والنزول إلي الشارع حتي يشعر المواطن بأنها جزء من الشعب.. وعلي كل وزير أن يضع رؤية واضحة للتغلب علي المشكلات التي تواجه الشعب الذي ينتظر الكثير من الرئيس المنتخب للنهوض بمستواه المعيشي والصحي والتعليمي والأمني والخدمي, وغير ذلك.
والله المستعان
mkhraga@yahoo.com
رابط دائم :
إضافة تعليق
البيانات مطلوبة
اسمك
بريد الالكترونى
عنوان التعليق
تعليق